vendredi 2 décembre 2011

العزم و المواطنة

السلام عليكم ورحمة الله 


هاته قصة عن روح المواطنة وشدة العزم والحزم
حبيت ان انقلها لاخواني للعبرة والموعضة 
في حب الوطن والعزم على العمل البناء

كتبهامختاربك يوسفي ، في 9 نوفمبر 2008 

تجربة اليابان

يقول الأستاذ مالك بن نبي ـ رحمه الله ـ في كتابه - حديث في البناء الجديد -
-إن اليابان وقفت من الحضارة الغربية موقف التلميذ، ووقفنا منها موقف الزبون، إنها استوردت منها الأفكار بوجه خاص، ونحن استوردنا منها الأشياء بوجه خاص- 
ومع ما في هذا التشبيه من دقة في القول، فإن اليابان استوردت من الأفكار، ما يتلاءم مع تربتها الاجتماعية وبخاصة الأفكار التي تثري التقنية، أي : أنها جردت الأفكار من أي مضمون اجتماعي أو ثقافي، واستخلصت منها ما يتلاءم مع تطورها، وتقنياتها، فلم تجر وراء نماذج تطبقها، ولم تستورد خبراء من الخارج، ليقوموا بالعمل عوضا عن أبنائها، ولكنها توسعت في الابتعاث للخارج، ليتفاعل أبناؤها مع الحضارة الغربية، ولينهلوا من العلوم الحديثة، وهم في ذلك في شغل شاغل للإجابة عن سؤال مهم هو:



                    ما سبب تقدم تلك البلدان علينا؟

لقد تبنت اليابان أكبر حركة للترجمة، شملت جميع المعارف والعلوم، فكانت النتيجة انصهار الأفكار مع إمكانات الإنسان الياباني، بتقاليده، وتراثه، وقيمه، في بوتقة واحدة، نقلت المجتمع الياباني إلى الصف الأول وبدون خسائر تذكر.
واليابان دولة فقيرة في مواردها الطبيعية، ولكنها غنية بالإنسان الياباني الملتزم، المشغول دائما بقضية وطنه.
لما سئل (دوكو ) أبو الاقتصاد الياباني عن عبقرية الشعب الياباني كان من رأيه:
((إن المصانع ليست إلا أسرة، إنها حياة العائلة الواحدة، بكل ما في كلمة العائلة من معنى ريفي قديم، فالمصنع عائلة مرتبطة تماما وعمال المصنع قد ولدوا ليموتوا في داخله. وإذا ترك الواحد منهم هذا المصنع، فإنه لن يذهب مطلقا إلى مصنع منافس، وإذا حاول أحد عمال هذه المصانع، أن يذهب إلى مصنع منافس، فان المصنع لا يقبله لأن العائلات أسرار، والعائلات اليابانية تتنافس، ولكنها لا تتصارع، إنما تتفوق على المصانع الأوروبية والأمريكية، من أجل رفاهية وعظمة الشعب الياباني كله )).


وقد يكون أعظم اكتشافات اليابان هو الإنسان ذاته، إذ بهذا الإنسان، وعلى أرضها وقفت اليابان بإباء وشموخ، حتى بعد أن تعرضت لنكبة التدمير بالقنبلة الذرية في (هيروشيما )، وتخطت العقبة، ولم تتوقف، وبدأت مرة أخرى تدرب شعبها، تطوره، وتعلمه.



قصة المواطن الياباني الذي..



استطاع أن يسهم إسهاماً عظيما في نهضة بلده اليابان، التي كانت حتى نهاية القرن التاسع عشر أمة حائرة، تتلمس طريقها، حتى إن اليابانيين أرسلوا بعثة إلى مصر، في عهد الخديوي إسماعيل يبحثون عن أسباب تقدم مصر عليهم. ولنتأمل اليوم في حالنا وفي حالهم، ولنتلمس الإجابة في قصة هذا الياباني، الذي يمثل ظاهرة العمل، التي قفزت باليابان من دول العالم الثالث، إلى دولة صناعية كبرى، ولله في خلقه شؤون.


ورجل قصتنا اسمه ((تاكيو أوساهيرا ))، وندعه هو يحكي قصته كما رواها وليام هارت، ونقلها عنه الأستاذ حسين مؤنس، في مقالة له نشرتها مجلة ((أكتوبر )) المصرية، بالعدد رقم 234 وتاريخ 14 يونيه 1981م
يقول أوساهيرا، وكان في هذا الوقت مبعوثا من قبل حكومته للدراسة في جامعة هامبورج بألمانيا:
((لو أنني اتبعت نصائح أستاذي الألماني، الذي ذهبت لأدرس عليه، في جامعة هامبورج، لما وصلت إلى شيء، كانت حكومتي قد أرسلتني لأدرس أصول الميكانيكا العلمية، كنت أحلم بأن أتعلم، كيف أصنع محركا صغيراً؟ كنت أعرف أن لكل صناعة وحدة أساسية أو ما يسمى ((موديل ))، هو أساس الصناعة كلها، فإذا عرفت كيف تصنعه، وضعت يدك على سر هذه الصناعة كلها. وبدلا من أن يأخذني الأساتذة إلى معمل، أو مركز تدريب عملي، أخذوا يعطونني كتباً لأقرأها، وقرأت حتى عرفت نظريات الميكانيكا كلها، ولكنني ظللت أمام المحرك، أياً كانت قوته، وكأنني أقف أمام لغز لا يحل ، وفي ذات يوم، قرأت عن معرض محركات إيطالية الصنع، كان ذلك أول الشهر، وكان معي راتبي. وجدت في المعرض محركاً، قوة حصانين، ثمنه يعادل مرتبي كله، فأخرجت الراتب ودفعته، وحملت المحرك، وكان ثقيلاً جداً، وذهبت إلى حجرتي، ووضعته على المنضدة، وجعلت أنظر إليه، كأنني أنظر إلى تاج من الجواهر. وقلت لنفسي: هذا هو سر قوة أوروبا، لو استطعت أن أصنع محركاً كهذا، لغيرت اتجاه تاريخ اليابان. ))

وطاف بذهني خاطر يقول: إن هذا المحرك يتألف من قطع ذات أشكال وطبائع شتى، مغناطيس كحدوة حصان، وأسلاك، وأذرع دافعة، وعجلات، وتروس، وما إلى ذلك، لو أنني استطعت أن أفكك قطع هذا المحرك، وأعيد تركيبها، بالطريقة نفسها التي ركبوها بها، ثم شغلته فاشتغل، أكون قد خطوت خطوة نحو سر ((موديل )) الصناعة الأوروبية.

وبحثت في رفوف الكتب التي عندي، حتى عثرت على الرسوم الخاصة بالمحركات، وأخذت ورقاً كثيراً، وأتيت بصندوق أدوات العمل، ومضيت أعمل: رسمت منظر المحرك، بعد أن رفعت الغطاء الذي يحمي أجزاءه، ثم جعلت أفككه، قطعة قطعة، وكلما فككت قطعة، رسمتها على الورق بغاية الدقة، وأعطيتها رقماً وشيئا فشيئا فككته كله، ثم أعدت تركيبه وشغلته فاشتغل، كاد قلبي يقف من الفرح، استغرقت العملية ثلاثة أيام، كنت آكل في اليوم وجبة واحدة، ولا أصيب من النوم إلا ما يمكنني من مواصلة العمل.

وحملت النبأ إلى رئيس بعثتنا فقال: حسناً ما فعلت، الآن لابد أن أختبرك، سآتيك بمحرك متعطل، وعليك أن تفككه، وتكشف موضع الخطأ، وتصححه، وتجعل هذا المحرك، العاطل يعمل، وكلفتني هذه العملية عشرة أيام. عرفت أثناءها مواضع الخلل، فقد كانت ثلاث من قطع المحرك بالية متآكلة، صنعت غيرها بيدى، صنعتها بالمطرقة والمبرد … إننى بوذي على مذهب ((رن ))، ومذهبي هذا يقدس العمل، فأنت تتعبد إذ تعمل، وما تعمله بعد ذلك من شيء نافع، يقربك من بوذا .

بعد ذلك قال رئيس البعثة ـ وكان بمثابة الكاهن يتولى قيادتي روحيا ـ قال: عليك الآن أن تصنع القطع بنفسك، ثم تركبها محركاً، ولكي أستطيع أن أفعل ذلك، التحقت بمصانع صهر الحديد، وصهر النحاس، والألمنيوم، بدلاً من أن أعد رسالة دكتوراه، كما أراد مني أساتذتي الألمان، تحولت إلى عامل ألبس بذلة زرقاء، وأقف صاغراً إلى جانب عامل صهر معادن، كنت أطيع أوامره كأنه سيد عظيم، حتى كنت أخدمه وقت الأكل، مع أنني من أسرة ساموراي، ولكنني كنت أخدم اليابان، وفي سبيل اليابان يهون كل شيء.

قضيت في هذه الدراسات والتدريبات ثماني سنوات، كنت أعمل خلالها ما بين عشر وخمس عشرة ساعة في اليوم، بعد انتهاء يوم العمل، كنت آخذ نوبة حراسة، وخلال الليل كنت أراجع قواعد كل صناعة على الطبيعة.

وعلم ((الميكادو )) بأمري، فأرسل لي من ماله الخاص، خمسة آلاف جنيه إنجليزي ذهب، اشتريت بها أدوات مصنع محركات كاملة، وأدوات وآلات. وعندما أردت شحنها إلى اليابان، كانت النقود قد فرغت فوضعت راتبي وكل ما ادخرته. وعندما وصلنا إلى ((نجازاكي )) قيل لي: إن ((الميكادو )) يريد أن يراني. قلت: لن أستحق مقابلته إلا بعد أن أنشئ مصنع محركات كاملاً.

استغرق ذلك تسع سنوات. وفي يوم من الأيام حملت مع مساعدي عشرة محركات صنعت في اليابان، قطعة قطعة، حملناها إلى القصر، ووضعناها في قاعة خاصة، بنوها لنا قريباً منه، وأدرناها، ودخل ((الميكادو ))، وانحنينا نحييه، وابتسم، وقال: هذه أعذب موسيقى سمعتها في حياتي، صوت محركات يابانية خالصة.

هكذا ملكنا ((الموديول ))، وهو سر قوة الغرب، نقلناه إلى اليابان، نقلنا قوة أوروبا إلى اليابان، ونقلنا اليابان إلى الغرب، ثم ذهبنا وصلينا في المعبد، وبعد ذلك نمت عشر ساعات كاملة لأول مرة في حياتي منذ خمس عشرة سنة.
-انتهت قصة -تاكيو أوساهيرا

 قصة مدهشة حقاً أعظم ما فيها هو 

هذا الانتماء الكامل للوطن،

 والاستسلام المدهش لحاجته الحقيقية

 والعشق الواضح، للعمل المنتج



قد كانت حاجة الوطن إلى ((موتور ))، أهم وأعظم من شهادة دكتوراه، يعود بها ليتبارى ويتفاخر


وانظر كذلك إلى أمره، يعتذر عن مقابلة ((الميكادو ))، قبل أن ينجز لأمته شيئا، لأنه اعتبر تلك المقابلة، شرفاً عظيما لا يستحقه من لا يقدم لأمته عملا منتجا، ومجهوداً واضحاً.


تلك هي الروح الحقيقية لبداية انطلاق اليابان، لم تشغل أبناءها المسميات، أو المناصب، وإنما شغلتهم أهداف سامية للنهوض باليابان، وشغلتهم معرفة أسرار التقنية، وليس نقلها، ليس من الغريب إذن، أن ترسل اليابان إلى مصر، في عهد الخديوي إسماعيل بعثة لتدرس أسباب تقدم مصر عليها، ولتقف اليابان موقف التلميذ من مصر تتعلم وتستفيد، وكذلك كان موقف اليابان من   الحضارة التقنية الغربية


commentaires: 0

Enregistrer un commentaire